الوقت- لطالما شكّل حلم تهجير الفلسطينيين عن أرضهم حجر الأساس في المشروع الصهيوني، منذ النكبة عام 1948، عمل الكيان الصهيوني بكل ما أوتي من قوة على طرد الفلسطينيين من ديارهم وتطهير الأرض منهم، وذلك لفرض حقيقة جديدة على الأرض تخدم أطماعه التوسعية، لم يتوقف هذا المشروع التطهيري عند حدود عام 1948، بل استمر عبر العقود الماضية، متخذًا أشكالًا مختلفة ومتنوعة.
شهدنا في السنوات الأخيرة تصعيدًا خطيرًا في محاولات تهجير الفلسطينيين، ولا سيما في قطاع غزة والضفة الغربية، ففي قطاع غزة، شهدنا حصارًا خانقًا وحروبًا متكررة، كلها تهدف إلى إجبار السكان على الرحيل، كما شهدنا في الضفة الغربية حملات اعتقال وهدم للمنازل وسياسات التهجير القسري، والتي تستهدف زعزعة صمود الفلسطينيين وتشريدهم.
الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، وما رافقها من جرائم حرب ودمار واسع النطاق، تؤكد مجددًا على استمرار المشروع الصهيوني في استهداف الشعب الفلسطيني وتشريده، فالأهداف التي يسعى الكيان الصهيوني لتحقيقها من وراء هذه الحروب والعدوان واضحة للجميع، فهي تتجاوز مجرد الانتقام، بل تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة، ومع ذلك، فإن الشعب الفلسطيني أثبت على مر التاريخ أنه شعب صامد ومرابط، يرفض الخضوع للإرادة الصهيونية، فعلى الرغم من كل الصعاب والتحديات، يتمسك الفلسطينيون بأرضهم وعزتهم وكرامتهم.
إن محاولات التهجير لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصرارًا على المقاومة والصمود، فالأرض هي الهوية، والهوية هي الوجود، إن الشعب الفلسطيني، بتمسكه بأرضه، يفشل مخططات الكيان الصهيوني، ويؤكد على حقنا في العودة إلى ديارنا التي هُجّرنا منها، فمهما طالت الليالي، فإن الفجر آت، وستعود فلسطين حرة عربية مستقلة.
نابلس ورام الله... هدف جديد للتهجير الصهيوني
في تصعيد خطير لمخططاته التهجيرية يواصل الكيان الصهيوني محاولاته اليائسة لتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وخاصة في الضفة الغربية المحتلة حيث تشير تقارير ميدانية إلى أن مدن نابلس ورام الله تتعرض لحملة منظمة من القمع والاعتداءات بهدف دفع سكانها إلى النزوح والهجرة القسرية تتضمن هذه الحملة سلسلة من الإجراءات التعسفية التي تنتهك القانون الدولي مثل الاقتحامات الليلة واعتقال الشبان وترهيب الأهالي وهدم المنازل، يهدف الكيان الصهيوني من خلال هذه الحملة إلى تحقيق عدة أهداف أبرزها تغيير التركيبة الديمغرافية وطرد الفلسطينيين من أراضيهم واستبدالهم بالمستوطنين وإضعاف المقاومة الفلسطينية وترويع المدنيين وفرض الأمر الواقع وتهويد الأرض الفلسطينية وضمها إلى الكيان الصهيوني ولكن مهما حاول الكيان الصهيوني فإن الشعب الفلسطيني ثابت على أرضه ولن يقبل بالتهجير أو الاستسلام فالشعب الفلسطيني أثبت مرارًا وتكرارًا أنه قادر على الصمود والتحدي مهما بلغت التضحيات لقد شهدنا في قطاع غزة كيف صمد الشعب الفلسطيني في وجه الحصار والحروب المتكررة ولم يستطع العدو كسره وبنفس الإصرار والعزيمة سيواجه أبناء نابلس ورام الله كل المؤامرات والمخططات الصهيونية إننا على ثقة بأن الشعب الفلسطيني سيهزم هذا المشروع التهجيري وأن فلسطين ستعود حرة مستقلة.
محاولات طمس الهوية الفلسطينية
لطالما شكّلت الهوية الفلسطينية صخرة صلبة في وجه المشروع الصهيوني، فمنذ النكبة، عمل الكيان الصهيوني بكل ما أوتي من قوة على طمس هذه الهوية، واستبدالها بهوية صهيونية، وذلك بهدف تهجير الفلسطينيين وفرض أمر واقع جديد على الأرض، رغم كل هذه المحاولات، فإن الشعب الفلسطيني يقاوم بشراسة كل محاولات طمس هويته، فالفلسطينيون يتمسكون بأرضهم، بلغتهم، وعاداتهم وتقاليدهم.
إن المقاومة الثقافية هي جزء لا يتجزأ من المقاومة الشاملة، وهي تعبر عن إصرار الشعب الفلسطيني على الحفاظ على هويته، إن الحرب على الهوية الفلسطينية هي جزء لا يتجزأ من الصراع مع الاحتلال، فمن خلال محاولة طمس هويتنا، يحاول الاحتلال أن يمحو وجودنا، ولكننا سنظل متمسكين بهويتنا، وسنقاوم كل محاولات الطمس والتشويه.
حصن يحمي الهوية
لطالما كانت الذاكرة الجماعية سلاحًا فاعلاً في صراع الشعوب، وهي تمثل العمود الفقري للهوية الوطنية، فالشعوب التي تحتفظ بذاكرتها وتاريخها، تكون أكثر قدرة على مقاومة محاولات الطمس والتشويه، في حالة الشعب الفلسطيني، فإن الحفاظ على الذاكرة الجماعية يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يسعى جاهدًا إلى طمس الهوية الفلسطينية وتزوير الحقائق.
تدرك القيادة الصهيونية جيدًا أهمية الذاكرة، ولذلك تسعى بكل الوسائل إلى طمسها وتشويهها، فهي تعمل على تدمير الآثار والمواقع الأثرية الفلسطينية، وتزوير كتب التاريخ، وفرض مناهج تعليمية مشوهة، وتشجيع الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف خلق واقع جديد يمحو كل الأثر الفلسطيني.
ولكن، مهما بلغت جهود الاحتلال، فإن الذاكرة الفلسطينية لا تزال حية وقوية، فالشعب الفلسطيني يتوارث حكاياته وأساطيره من جيل إلى جيل، ويحتفظ بذاكرته في الأغاني والشعر والحكايات الشعبية، كما أن المؤسسات الثقافية والأدبية تسعى إلى توثيق التاريخ الفلسطيني ونشره بين الأجيال الجديدة.
إن الحفاظ على الذاكرة الجماعية ليس مجرد ترف، بل هو ضرورة وطنية، فمن خلال الذاكرة، نستعيد هويتنا، ونستمد منها القوة والعزيمة لمواصلة النضال، كما أن الذاكرة الجماعية تمكننا من فهم حاضرنا بشكل أفضل، وتساعدنا في بناء مستقبلنا، إن الذاكرة الجماعية هي سلاحنا الأقوى في مواجهة محاولات طمس الهوية، فمن خلال التمسك بها، ونقلها للأجيال القادمة، فإننا نضمن استمرار قضيتنا، ونقرب يوم تحرير فلسطين.
الأهداف الخفية تغيير ديموغرافي وترسيخ الاحتلال
من خلال هذه السياسات، يسعى الكيان الصهيوني إلى إحداث تغييرات ديموغرافية في الضفة الغربية لتعزيز سيطرته الكاملة على هذه المناطق، بترحيل الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين الصهاينة، يحاول الكيان الصهيوني فرض وقائع جديدة على الأرض وتمهيد الطريق لضم الضفة الغربية بشكل كامل، هذه الاستراتيجية، التي يُطلق عليها "تهديد وجودي" للفلسطينيين، هي جزء من مشروع طويل الأمد لتهويد الأراضي الفلسطينية.
وفي هذا الصدد وعلى رغم كل الضغوط والإجراءات القمعية، لا يزال الفلسطينيون في الضفة الغربية صامدين ومقاومين، يواصلون العيش على أرضهم رغم كل الصعوبات ويرفضون أي محاولات لترحيلهم، هذا الصمود ليس فقط دليلاً على إصرار الفلسطينيين على الدفاع عن حقوقهم، بل هو أيضاً أمل لمستقبل تتحرر فيه فلسطين وتصبح دولة مستقلة.
في الختام، سياسات التهجير القسري التي ينفذها الكيان الصهيوني في الضفة الغربية ليست فقط انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، بل تشكل أيضاً تهديداً خطيراً للسلام والاستقرار في المنطقة، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في مواجهة هذه الإجراءات والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه، يظل صمود الفلسطينيين في نابلس ورام الله وغيرهما من مدن الضفة الغربية دليلاً على أن إرادة الشعوب لا يمكن كسرها، وأن فلسطين ستظل حرة مستقلة.